أتركوني وشأني



اتركوني وشأني


قالوا :
أنت شاعر الأمة ووجدانها
أنت شاعر شعوبنا وضميرها
تعالى واتلُ علينا من شعرك
من على أحد تلال رمالنا
عله يدغدغ مشاعرنا 
ويهز كالمسعق قلوبنا
ويرفع الى قبة السماء هامتنا 
ويشد الى ما لا نهاية، عزيمتنا.

إقرأ لنا مما نظمت وسبكت
في حقنا نحن أبناء الأُسود 
واعزف لنا من لحن الخلود
فنقفز عن حاضرنا المسدود
ونمشي صفا، مشية رجل واحد
نحو الأمل المنشود 
فنقبض بالعقد المفقود
ونسترد الزمن البائد.

قلت :
لا والله، فما أنا بِنَبي جديد
وما أنا بزعيم ذي بأس شديد 
ولا أطمح أن أكون سيد عبيد
فلا سيد لي ولا مسود.

فأنا أقول شعرا وأمشي 
الى حيت يستقر بي الوجود.

وقال أخرون :
تعال والقِ علينا شعرا نديا 
يروي قفارنا اليابسة
إروِه في صالوناتنا الفارهة
وانشده في أجوائنا المكيفة
وصوِّر لنا معانيه البهية
تحت أضوائنا المزركشة.

إلقِ علينا شعرا، بالله عليك
يُشنف بنغماته أسماعنا 
شعرا براقا يفتن أنظارنا 
وبعد سماعه ورُأيتِ طلْعتك
نقف لنهتف بإسمك كلُّنا.

رَتِّل علينا نظمك الجميلا
رتله على مسامعنا ترتيلا.

فنحن نتملى بالشعر ونحب الشعراء
إننا لسنا، كما يقال، من فصيلة الأغبياء
فإن كان حَسَبنا من قبيلة الأغنياء
فإن نَسبَنا من سلالة الشعراء.

انتصبتُ وصرختُ غصبا عني،  
صحت فيهم غضبا مني :
اتركوني لحالي وخلوني 
ابتعدوا عني، مالكم ومالي ؟
فما أنا إلا أنا وما تغَيَّر حالي.

لا أبغي شيئا، وهذا مُرادي
لا تابع لي ولا متبوع مني.

حملت همي وأملي على كتفي
وعلى كتفي الأخرى حزمت زادي
وما لي إلا قَولٌ أتقاسمه
مع من يريد الخوض في عوالم الكلام.

وتحت إبطي، علقت قلمي وقرطاسي
يؤانساني حيثما أمشي
أصعد قمم الكلام وحدي
وأجوب رحاب اللغة بانفرادي.

تارة أمشي مشي النمل
وأخري أهرول أو أجري بدون نعلي
فأضرب حجارات اللسان برجلي
وأكسر كلماتها حرفا على حرف.

ثم أُكَوم بقاياها بقدمي. 
أبللها بعرَقي وريقي 
وأغطس فيها قلمي 
لأكتب ما يزخر في نفسي
ثم أنقشه على وجه العدم
وقد سكبتُ فيه قطرات من دمي 
بدون حزن وبلا ندم.

فهذا مجمل كلامي إليكم
وعليكم مني أغلى السلام
وبعد تحياتي لكم
أترككم في أمان يا أطيب الآنام.


17/09/2016