كابوس الشاعر



كابوس الشاعر

استيقظ الشاعر من سباته
ولم يصدق ما رأت عيناه
وما سمعت أذناه

لم يكن يدري 
إن كان في حلم
أو كان في أضغاث أحلام 

فما كان ذلك بحلم
إذ لم يحصل له ليلا
وما كان ذلك بأضغاث 
إذ لم يراوده  نهارا

استيقظ الشاعر من سباته 
ولم يصدق ما رأت عيناه
وما سمعت أذناه
فلم يكن يدري
إن كان في حلم 
أو مسُّ جنون أصابه 

لقدر رأى فيما رأى
وسمع فيما سمع
بأن جموعا وجحافيل أتت 
من قديم الزمان ومن حديثه
من بعيد المكان ومن قريبه  

رَفرفَ في قبضة زعيم الجماعة الأولى 
علم أحمر فاتح
وتصَدَّر بذلةَ زعيم الجماعة الثانية
سقر مخيف كاسح
وغطى جسد وعقل زعيم الثالثة 
لباس أسود جانح    
ثم توالت الجماعات الباقية
الواحدة بعد الأخرى
الى أن غطت سطح اليابسة

قال أولهم
أنا أبو الشعوب 
حمدا للشيطان

وقال ثانيهم
أنا الزعيم الأوحد، الأول والأخير 
لبيك ياعظيم الشان

وترك ثالثهم  للسانه العنان :  
فكشَّر وقال :
"باسم الشيطان العظيم 
لا نريد أن نطيل القول 
فمنجزاتنا حتما 
سيطول فيها الكلام
ولا نريد أن نضيع الوقت 
ولا أن نطيل المقام.

فمن أجل خلق إنسانية من نار
ما ينتظرنا وينتظركم  
لا يحتمل التأجيل ولا السلام  
   
فحمدا للشيطان 
إن جموعكم تتسع وتتكاثر
وامتثالكم يشتد ويتكابر
وتضحياتكم تتعاظم وتتواتر

فهاكم فكرة بالجملة  
عن منجزات تحققت :
فكم من روح بالآلاف وبالملايين 
للإنسابنية العتيقة، زهقت 
وكم من جموع أطفال شردت وجُهًّلت 
وكم من فتاة اغتصبت
وكم من امرأة رُملت 
وكم من وجوه شوهت
وكم من أطراف بترت
وكم من دار هدمت
وكم من موارد عطلت وبعثرت    
...
لا نريد أن نطيل في تعداد ما حققنا
وما ذلك بكثير مما أٓوْعَدنا
فما هي إلا البداية
ولو قدم العهد على البداية
وما لبدايتنا نهاية  
صدق الشيطان العظيم".

استفاق شاعرنا
مكبوسا مصدوما 
مشدوه العينين
فاغر الفاه 
مثقل الكتفين
عقله شارد وأمله في الحضيض
لا يدري إن استفاق من حلم 
أو من أضغاث أحلام
أو من مس جنون    

لا يدري إن اختل عقله للتو 
أو ارتبكت قريحته من البارحة
أو انفكت روابط وجدانه منذ زمن  

فهو لا يعرف 
إن كان حلما أو أضغاثا أو هلوسة
وإنما يعرف بأنه كابوس 
سكن أيامه ولياليه 
ربما منذ الأزل 
وربما الى الأبد.
   


05/09/2016