مفهوم العرض

 



العرض


في التحليل النفسي، العَرَض (le symptôme) هو تعبير عن صراع داخلي في النفس البشرية. يتمثل هذا العرض في مظاهر أو سلوكيات تعكس وجود توتر أو اضطراب نفسي، وغالبًا ما يكون نتيجة صراع بين اللاوعي والوعي أو بين الرغبات المكبوتة والمجتمع أو الأخلاق. فيما يلي بعض الجوانب الأساسية لمفهوم العرض في التحليل النفسي:


1. الرمزية:

يعتبر العرض في التحليل النفسي رمزًا لصراع غير واعٍ أو رغبة مكبوتة. فهو يحمل معنى خفيًا يحتاج إلى فك شفرته من خلال التحليل. على سبيل المثال، قد يعبر العرض الجسدي (مثل الأوجاع أو التشنجات) عن معاناة نفسية عميقة.


2. الوظيفة:

يؤدي العرض وظيفة مزدوجة؛ فهو من جهة تعبير عن معاناة الفرد ومن جهة أخرى محاولة لحل الصراع النفسي الداخلي. بمعنى أنه يُخفف جزئيًا من التوتر الناتج عن هذا الصراع.


3. العرض كحل وسط:

حسب فرويد، العرض هو تسوية أو حل وسط بين الرغبات اللاواعية المكبوتة والمتطلبات الاجتماعية أو الأخلاقية. على سبيل المثال، إذا كانت هناك رغبة لا يمكن للفرد أن يعبّر عنها بشكل مباشر بسبب الرقابة النفسية أو الاجتماعية، فإنها قد تظهر على شكل عرض نفسي أو جسدي.


4. العَرَض واللاوعي:

يرى التحليل النفسي أن العرض هو نتيجة قوى لاواعية تتفاعل مع الرقابة الداخلية (الأنا العليا). وبالتالي، لفهم العرض، يجب الوصول إلى اللاوعي من خلال التحليل.


5. في سياق لاكان:

بالنسبة لجاك لاكان، العَرَض هو أكثر من مجرد تعبير عن الصراع؛ إنه يرتبط بالنظام الرمزي والخيالي والواقعي.

العَرَض يمثل علاقة الشخص بلذته (jouissance) أو بالرغبة التي لم تتحقق بالكامل.

كما يرى لاكان أن العرض يمكن أن يكونحرفيًا” (ينتمي للغة)، مما يعني أن تفكيك رموز العرض يمكن أن يكون مرتبطًا بلغة الفرد وتاريخه الشخصي.


6. التعامل مع العَرَض:

في العلاج النفسي التحليلي، يُنظر إلى العرض على أنه مفتاح لفهم معاناة الفرد. الهدف ليس دائمًا التخلص من العرض، بل فهم أسبابه الكامنة والعمل على حل الصراع الداخلي الذي أنتجه.


أمثلة على الأعراض:

القلق.

الاكتئاب.

الوساوس القهرية.

الأعراض الجسدية (كالصداع أو مشاكل الجهاز الهضمي دون سبب عضوي واضح).


في النهاية، العَرَض هو اللغة التي يتحدث بها اللاوعي، وفهمه يتطلب الإصغاء بعناية لما يخفيه من رسائل ودلالات عميقة.