مفهوم السادية

 


 السادية


السادية في التحليل النفسي تشير إلى التمتع بإلحاق الألم أو الإذلال بالآخرين، سواء كان ذلك بشكل جسدي أو نفسي. يعود أصل المصطلح إلى ماركيز دي ساد، وهو أديب فرنسي من القرن الثامن عشر، الذي كان يكتب عن تجارب استمتاع الشخص بالعنف والإهانة. في سياق التحليل النفسي، ارتبط هذا المفهوم بشكل رئيسي مع سيغموند فرويد وجاك لاكان، الذين ربطوا السادية بالرغبات الجنسانية والنفسية المخبأة.



السادية عند فرويد


في التحليل النفسي الفرويدي، يُعتبر السادية جزءًا من التحولات الجنسانية التي تحدث أثناء النمو النفسي والجنسي للفرد. فرويد يرى السادية كنوع من التحولات التي يمكن أن تحدث عندما لا تتم تلبية الرغبات الجنسية بشكل صحيح خلال مراحل النمو الجنسي. عند فرويد، السادية تمثل إعادة توجيه الطاقة الجنسية بشكل يسبب المتعة من خلال السيطرة على الآخرين وإيذائهم. يُعتقد أن السادية ترتبط بعلاقة الطفل بالعالم الخارجي، حيث يمكن أن يحدث التحول من الاستمتاع باللذة الذاتية إلى الإشباع من خلال الألم والتسلط على الآخر.


السادية ومرحلة الطفولة:


من منظور فرويد، المرحلة السادية هي جزء من تطور الطفل في سنواته الأولى، حيث يبدأ الطفل في استكشاف الجسم و ممارسة السيطرة. في هذه المرحلة، يكون الطفل متمركزًا حول ممارسة متعة جسدية من خلال إلحاق الألم، سواء على نفسه أو على الآخرين، وهو أمر قد يظهر كأفعال سادية في مرحلة البلوغ إذا لم يتم تكييفه بشكل صحيح في مرحلة الطفولة.


السادية واللذة الجنسية:


في التحليل النفسي، يُعتقد أن السادية ليست مجرد رغبة في الإيذاء، بل هي رغبة في السيطرة على الآخر لتحقيق اللذة الجنسية. يعتقد فرويد أن السادية ترتبط بعلاقة الشخص بوالديه، خصوصًا الأب في معظم الأحيان. الشعور بالقدرة على السيطرة، أو الشعور بأن الشخص يمكنه التحكم في الآخر، يمكن أن يكون مصدرًا للمتعة النفسية والجنسانية.


السادية والسلوك الجنسي:


في بعض الأحيان، يُنظر إلى السادية كجزء من السلوك الجنسي غير المعتاد أو الشاذ. يمكن أن تتجسد في ممارسة أفعال عنيفة أثناء العلاقة الجنسية، مثل التحقير، الإذلال، أو إلحاق الألم الجسدي بالآخر. لكن، في نظر فرويد، هذا النوع من السلوك الجنسي يُعتبر نتيجة للصراعات المكبوتة أو التجارب المبكرة التي لم يتم التعامل معها بطريقة صحية.



السادية عند جاك لاكان


في التحليل النفسي عند جاك لاكان، يتبنى منظورًا مختلفًا بعض الشيء حول السادية، حيث يرى أن السادية مرتبطة بشكل أساسي بمفهوم الآخر (le grand Autre). في نظر لاكان، السادية ترتبط بالعلاقة بين الفرد والآخر الذي يراه كمرآة لذاته. الشخص السادي يسعى إلى السيطرة على هذا الآخر في محاولة لتأكيد وجوده أو قوته.


لاكان يرى أن السادية تتجسد في اللغة والرمزية، حيث يسعى الشخص السادي إلى فرض إرادته على الآخر من خلال الكلام أو الأفعال التي تهدف إلى الإذلال أو الهدم النفسي للآخر. السادية في هذا السياق تصبح أداة لتحطيم الآخر أو للبحث عن الهيمنة النفسية والرمزية.


السادية والشذوذ الجنسي:


كما هو الحال مع المازوخية، يمكن أن يُنظر إلى السادية كأحد أنماط الشذوذ الجنسي عندما تكون هذه الرغبات جزءًا من سلوك جنسي مستمر ومتكرر. في هذا السياق، يُنظر إلى السادية كإشباع غير طبيعي للرغبة الجنسية من خلال إيذاء الآخرين جسديًا أو نفسيًا. لكن، في التحليل النفسي الفرويدي، السادية ليست بالضرورة مرضًا، بل هي نتيجة لصراع نفسي داخلي بين الرغبات المكبوتة أو الصراعات المبكرة.


السادية كآلية دفاعية:


قد تكون السادية في بعض الحالات آلية دفاعية تستخدم لتجنب مشاعر العجز أو الضعف. من خلال إيذاء الآخرين أو السيطرة عليهم، يحاول الشخص السادي تجنب الشعور بالضعف أو الفشل الذي قد يعاني منه في حياته العاطفية أو الجنسية.


السادية واللاوعي:


في سياق التحليل النفسي، غالبًا ما تكون السادية لاواعية. قد لا يكون الشخص السادي مدركًا تمامًا للرغبات أو الدوافع التي تدفعه إلى إيذاء الآخرين. هذه السلوكيات قد تكون مرتبطة بـ ذكريات الطفولة أو صراعات نفسية متأصلة قد لا يدركها الشخص بشكل واعي.



الختام:


في التحليل النفسي، السادية هي تعبير عن الرغبات المكبوتة أو الصراعات النفسية التي تتعلق بالسيطرة، السلطة، والعلاقات مع الآخرين. هي سلوك جنسي متطرف في بعض الحالات، لكن من منظور فرويد ولاكان، هي أيضًا آلية دفاعية أو وسيلة للتحقق من الهوية الذاتية في مواجهة الآخر.