مفهوم الذهان

 



مفهوم الذهان 



الذهان في التحليل النفسي هو اضطراب نفسي عميق يتميز بانفصال الفرد عن الواقع، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل الهلوسات، الأوهام، واضطرابات التفكير. يتميز الذهان بخلل في العلاقة بين الشخص والنظام الرمزي (القانون، اللغة، والرغبة)، مما ينعكس في صعوبة الفرد في تنظيم ذاته داخل الواقع الاجتماعي والنفسي.



الذهان عند فرويد

1. تعريف الذهان:

بالنسبة لفرويد، الذهان هو نتيجة لفشل الأنا في التعامل مع الصراعات النفسية، خاصة تلك المرتبطة برغبات اللاوعي.

في الذهان، بدلاً من أن تقمع الرغبات أو تصرف إلى أعراض (كما يحدث في العصاب)، تحدث إنكار أو إلغاء للواقع.

يتم استبدال الواقع بمزيج من الهلوسات والأوهام التي تخلقواقعًا بديلًاللفرد.

2. أهم سمات الذهان:

الهلوسات: سماع أصوات أو رؤية أشياء غير موجودة.

الأوهام: معتقدات غير منطقية لا تتغير حتى مع تقديم أدلة ضدها.

انفصال عن الواقع: صعوبة في التمييز بين الواقع والخيال.



الذهان عند لاكان

1.فكرة البنية:

يرى جاك لاكان أن الذهان ليس مجرد حالة عَرَضية، بل هو بنية نفسية أساسية تختلف جذريًا عن العصاب أو الانحراف.

الذهان يحدث نتيجة فشل التثبيت الرمزي، وهو ما يصفه لاكان بإلغاء اسم الأب .

اسم الأب يمثل القانون والنظام الرمزي (أي العلاقة بين اللغة والرغبة)، وعندما لا يتم إدخال هذا العنصر بشكل صحيح في البنية النفسية للفرد، يظهر الذهان.

2.إلغاء اسم الأب:

في العصاب، يتم قمع اسم الأب لكنه يبقى موجودًا في اللاوعي.

في الذهان، يتم استبعاد اسم الأب تمامًا من النظام الرمزي، مما يؤدي إلى انهيار العلاقة بين الذات والقانون الاجتماعي أو الواقع.

هذا الخلل يتجلى في شكل هلوسات وأوهام تكون محاولات من الذات لتغطية هذا الغياب.

3.أعراض الذهان:

الذهاني يعاني من تفكك في النظام الرمزي، ويظهر ذلك من خلال:

هجوم اللغة: حيث يشعر الذهاني أن اللغة تُستخدم ضده (مثل سماع أصوات).

الهلوسات البصرية أو السمعية كبديل عن الرمزي.

الأوهام التي تعيد بناء واقع مشوه ومتماسك داخليًا.

4. علاقة الذهاني بالآخر الكبير:

الآخر الكبير (النظام الرمزي، القانون، والرغبة) لا يعمل بشكل طبيعي عند الذهاني.

الذهاني غالبًا ما يكون في مواجهة مباشرة مع الآخر الكبير، حيث يشعر أنه معرض للهجوم أو أنه يتحكم فيه.



الفرق بين الذهان والعصاب:


العصاب:

يتميز بوجود صراع داخلي بين الأنا والهو أو الأنا العليا.

يحافظ المريض على اتصال بالواقع، رغم أنه قد يعاني من أعراض نفسية.

الرغبة تكون مكبوتة ولكنها موجودة في اللاوعي.

الذهان:

يتميز بفقدان الاتصال بالواقع.

غياب أو استبعاد النظام الرمزي (اسم الأب)، مما يؤدي إلى انهيار العلاقة بالواقع.

تظهر الأعراض بشكل مباشر مثل الهلوسات والأوهام.


أنواع الذهان:

1. الفصام 

يتميز بالتفكك في التفكير والشعور واللغة.

أمثلة: الهلوسات السمعية، الكلام غير المترابط.

2. البارانويا:

تتميز بأوهام الاضطهاد أو العظمة.

يكون الفرد مقتنعًا تمامًا بصحة أوهامه.

3. الهوس الاكتئابي (اضطراب ثنائي القطب):

تناوب بين فترات من الهوس (النشاط المفرط) وفترات من الاكتئاب الشديد.



علاج الذهان في التحليل النفسي

1. موقف المحلل:

مع الذهاني، يجب أن يكون المحلل حذرًا في استخدام التفسير لأن الذهاني يعاني من علاقة معقدة مع اللغة.

يجب على المحلل احترام الهشاشة النفسية للذهاني والعمل على إعادة بناء العلاقة مع النظام الرمزي.

2. التحويل:

التحويل في الذهان يختلف عن العصاب.

الذهاني قد يرى المحلل كجزء من الأوهام أو الهلوسات. على المحلل أن يبني علاقة تساعد الذهاني على توجيه معاناته بدلاً من تفسيرها بشكل مباشر.

3. أهداف العلاج:

المساعدة في استعادة التوازن بين الذات والواقع.

توفير بدائل رمزية تساعد على تقليل الأعراض مثل الهلوسات والأوهام.


باختصار، الذهان هو بنية نفسية تتسم بفقدان الاتصال بالواقع بسبب غياب أو استبعاد النظام الرمزي. التحليل النفسي يهدف إلى دعم الذهاني في بناء علاقة أكثر توازنًا مع اللغة والقانون والآخر الكبير.