مستقبل التحليل النفسي
حوار بين دانييل ويدلوشر وجاك ألان ميلر
أدار الحوار: برنار غرانجيه
(٦٢ صفحة)
ترجمة: عبد الهادي الفقير (الصفحات ٣٢-٦٢)
(...)
برنار غرانجيه: إذن هناك بالفعل اختلاف كبير بين الممارسة اللاكانية وبقية الممارسات التحليلية النفسية.
جاك ألان ميلر: نعم، هناك بالفعل اختلاف جوهري بين الممارسة المنبثقة عن لاكان، ويمكنني القول، مع بعض التحفظ، إنها تختلف عن جميع الممارسات الأخرى. يمكننا الآن أن نقيس هذا الاختلاف إذا نظرنا إلى القرن العشرين ككل. لقد حدث شيء ما في منتصف القرن الماضي، أي أنه تم المساس بالتحليل النفسي. مدفوعًا بالأحداث الراهنة، وبفضل تواصل الجمعية العالمية للتحليل النفسي [1](AMP) مع زملاء من الجمعية الدولية للتحليل النفسي [2](API)، وبصداقتي مع هوراسيو إتشيغويين (أحد رؤساء هذه الأخيرة سابقا)، ولقائنا نحن الاثنين، درّستُ هذا العام، في إطار تدريسي بجامعة باريس الثامنة، تاريخ مفهوم «التحويل المضاد».
التحويل المضاد، والدلالة الجديدة التي اكتسبها هذا المصطلح، وكذلك التغيّر الذي أدخله في الإصغاء والتفسير التحليلي النفسي، كلها أمور أثارت نقاشًا في اللحظة نفسها التي بدأ فيها لاكان تقديم دروسه.
بعد وفاة فرويد بوقت قصير، وبعد فترة من التفكير والبحث، تميّز صوتان في بداية خمسينيات القرن العشرين. أحدهما سار في الاتجاه الذي حدّدته باولا هايمان في مقالتها الأساسية سنة 1951 حول التحويل المضاد، وقد سبقتها على الأرجح أعمال راكر الذي كان إتشيغويين أحد متحلليه، وكان يردد في حقه أنه قدّم له نموذجا سريريًا يُحتذى.
أما الصوت الآخر فهو «تقرير روما»[3] للاكان، الذي يعود إلى سنة 1953.
ترى هايمان أن التحويل المضاد ظهر أولاً لدى فرويد كعائق، لكنه كان مدعوّا لأن يصبح، كما كان الحال مع التحويل، مُعينًا لنا ووسيلة من وسائل عملنا. حتى وإن كنتَ، سيد ويدلوشر، تؤكد على الفارق بين التعاطف الذي تجعل منه محور ممارستك والتحويل المضاد، فستُقِرّ مع ذلك بأن التحويل المضاد هو مصدره وأصله، وأن التعاطف ينتمي إلى السجل نفسه، وهو مجرد صيغة أخرى منه.
ومن المعروف أن مؤلفات فرويد كلّها لا تتضمّن سوى إشارة واحدة إلى التحويل المضاد، وذلك في نصّه الصادر عام 1910 حول «آفاق العلاج التحليلي النفسي المستقبلية»، حيث يذكر فيه باقتضاب: «لقد أدركنا العقبة التي يمثّلها ذلك، ومن الضروري أن يُحكِم المحلِّل سيطرته على تحويله المضاد».
ابتداءً من خمسينيات القرن العشرين، نشأت ممارسة للتحليل النفسي تقوم على تنمية واستكشاف التحويل المضاد. وقد بدا أن هذه الممارسة تتحرك بديناميكية لا تُقاوَم؛ إذ نمت، وامتدّت، وفرضت نفسها، حتى أصبحت في نهاية المطاف، القاسم المشترك والعنصر الجامع، والمشترك الوحيد بين محلّلين يختلفون في كل شيء.
أما الإطار التحليلي، فكثيرًا ما كان محلّ جدل: البعض يُقيّد مدة الجلسة بطقوس ثابتة، بينما يقوم آخرون بتقصيرها. وتختلف وتيرة الجلسات من ضفة إلى أخرى من قناة المانش (الفصلة بين فرنسا وإنجلترا). هناك من ينتمي إلى علم نفس الأنا، أو إلى المدرسة الكلاينية، أو إلى المدرسة الفرنسية، أو إلى نظرية «العلاقة بالموضوع»، أو إلى تيارات أخرى: التوليفية-الكيرنبرغية، البين-ذواتوية، أو حتى ما بعد الحداثة، أو ببساطة، الانتقائية. لكن جميع هؤلاء متأثرون بالتحويل المضاد.
وعلى العكس، إذا بحثنا عما يميز اللاكانيين عن غيرهم، نجد أن التعامل مع التحويل المضاد غائب عن الممارسة التحليلية ذات التوجّه اللاكاني، فهو ليس موضوعًا فيها، وذلك انسجامًا مع الممارسة اللاكانية للجلسة، وباختصار، مع العقيدة اللاكانية في اللاوعي.
برنار غرانجيه: ما الذي تأخذه على هذا التعامل مع التحويل المضاد؟
جاك ألان ميلر: لقد قرأتُ هذا العام عددًا من الدراسات حول التحويل المضاد، من بينها أحدثَها، بما في ذلك أعمالك. فما الذي يلفت انتباه محلّل لاكاني يدرس هذه الأعمال برغبةٍ في أن يتعلّم منها شيئًا؟ إنه الانتباه المفرط الذي يوليه هؤلاء المحلّلون لعملياتهم النفسية، ولممثّلاتهم، ولتداعياتهم. إن الاهتمام الذي يجدونه في ذلك — بل والمتعة التي يُظنّ أنهم يستمدّونها منه — يجعل من سرد الحالة أو عرض العلاج مناسبة يتعلّم منها القارئ أكثر عن المحلّل نفسه مما يتعلّم عن المريض، وتفضي أحيانًا إلى تصريحات من نوع: «أتابع تحليلي الشخصي في الوقت نفسه الذي أحلّل فيه مريضي». بالنسبة إلى اللاكانيين، هذا ضرب من الهرطقة، وعقبة إبستمولوجية أمام التركيب السريري للحالة.
عندما نقارن أنفسنا بالمحلّلين الممارسين للتحويل المضاد، نشعر بأننا أقرب بكثير إلى فرويد منهم. فبالنسبة إلينا، ليست المسألة مسألة انتباه «طافٍ أو عائم» بل انتباه دقيق ومتساوٍ يوجّهه المحلّل إلى خطاب المريض، وهذا الانتباه يمنعه من الانغماس في تفكيره الخاص، ومن تلك المتعة التي أجرؤ على تسميتها متعةً شبقية بفكره هو.
لقد كانت دراسة هذه النصوص تجربة مشوّقة بالنسبة إليّ، لكنني واجهت صعوبة في مواصلتها أمام جمهوري، إذ عندما كنت أقرأ مقاطع دالّة أمام الحلقة التي كوّنتُها — رغم حضور الكثير ممن لا يعرفونني جيدًا — كانت الضحكات تتعالى، وكان عليّ أن أطالب باحترام ممارسةٍ يمكن أن نتعلّم منها شيئًا ما، تحديدًا لأنها بعيدة جدًا عن ممارستنا.
ويبدو لي أن ما حدث في منتصف القرن العشرين هو التالي: بدأ المحلّلون يعانون من نقص في «الموضوع» — من غياب وصول مباشر إلى موضوع خبرتهم — وهو نقص بنيوي في الأصل، لأن تعريف فرويد لهذا الموضوع يجعله «اللاوعي»، أي ما لا يُدرَك إلا استنتاجًا. لم يجد ممارسو التحويل المضاد في الجلسة التحليلية سوى موضوعٍ واحدٍ مباشر: تجربتهم الذهنية الخاصة. هذه التجربة أسرَتهم، فانغمسوا فيها، ومن خلالها أقنعوا أنفسهم بأنهم يتعلّمون الكثير عن شغفهم وعن ذواتهم.
أما لاكان، فسلك طريقًا أخرى كانت في نظره استمرارًا للروح الفرويديّة الأصيلة، فركّز التجربة التحليلية على خطاب المريض، وطالب المحلّل بأقصى درجات الانتباه لأدقّ تفاصيل هذا الخطاب. وقد بدا ذلك للمحلّلين المولعين بالتحويل المضاد كأنه امتياز غير مبرَّر يُمنح للجانب اللغوي من التجربة.
إننا أمام شكلين متقابلين لممارسة التحليل النفسي، محددين في جدليتهما؛ إنهما حلّان متناقضان للمشكلة نفسها، المشكلة المتمثلة في طابع اللاشعور غير ممكن التصور أو التمثل، وفي الاستحالة المبدئية لأيّ وصول مباشر إلى ذلك المشهد الذي لا يمكن الإحاطة به مباشرة.
زمن الجلسة مشروط بالحَلّ المعتمد. فالمحلّل الذي يفضّل الجلسات الطويلة، والمُثقل بخطاب مريضه، و«المُحاصَر» — كما قال رُوي شافِر — بتداعياته، يجد ملاذه في تداعياته هو، التي تصبح الموضوع المميّز لتجربته التحليلية. وعلى العكس، يميل اللاكانيّ بطبيعة الحال إلى تقصير مدّة الجلسة، وإعطائها شكل فعلٍ مباغت، منزوع الذاتية، يولّد يقينه الخاص، لكن خلفيّته لا تسلم من الاعتراض لأنها تقوم على قدرٍ من الاعتباط.
إذا سلّمنا بهذه البنية الثنائية التي عرضتُها في دروسي هذا العام، فهل يمكن أن نتوقّع أن نشهد — فيما بعد — نوعًا من التوليف عبر ما يمكن أن نسمّيه «الرفع»(Aufhebung)؟ وهل يُعدّ تخليّي عن الجدل والمشاحنة نوعًا من المثالية؟
بعد قرنٍ من الزمان، بدأت الحكايات تفقد بريقها، وبهتَت الطوارئ، وصار لا بدّ من الإقرار بأن أَبطال النزاعات الكبرى كانوا قبل كل شيء ذواتًا خضعت للتحليل. لقد تطوّر التحليل النفسي بعد فرويد وفق المنطق الذي حدّدته الأسس التي وضعها، وهو ما قاده حتمًا إلى الانقسام إلى تيارين. لكن منذ بضع سنوات، باتت التشابكات والتداخلات تتكاثر، والانتقائية تنمو، وحتى الشكّ الإيديولوجي العام يشير إلى أن روح التحليل النفسي لم تعد تكتفي بشكل الانقسام، بل تتطلّع إلى شكل الوحدة، وحدة تُستعاد على مستوى أعلى.
دانيال ويدلوشر: يلزمني القول إنني مهتمّ للغاية بالقراءة التي يقترحها جاك ألان ميلر. في العمق، أجد نفسي متوافقًا معها. أعتقد حقًا أن لاكان ظلّ، في هذا الصدد، قريبًا من وجهة نظر فرويد في كتاباته التقنية، وليس في ذلك أي تناقض. فهناك علم نفس الأنا الذي كان لاكان وريثه، فكريًا ونَسَبيًا، وكان عليه أن يُصارع للتحرّر منه. وما سمّاه في وقتٍ ما «التأويل الخالص»، أليس هو ذاك الذي يكون متحرّرًا، إلى أبعد حد من كل ارتباط بالتحويل؟
في الواقع، هناك بيننا مسافة ملحوظة، وهي على الأرجح تفسّر الكثير من الاختلافات. وطبيعي أن يُجادل البعض حول مسألة «الانتباه الطاف» أو «الانتباه المتساوي»، لا سيّما وأن التسويات — أي «الانتباه الطاف والمتساوي في آن» — أصبحت بمثابة ميدان النقاش.
برنار غرانجيه: هل يبدو لك هذا الاختلاف غير قابل للتجاوز؟
دانيال ويدلوشر: لا أقول ذلك، إذْ مَن يمكنه أن يؤكد أن شيئًا ما غير قابل للتجاوز؟ ما أقوله هو أن من المهم، في هذا النقاش، أن نحدّد هذه النقطة، لأنها ليست واضحة تمامًا في أذهان كثيرين. أعتقد أن ما سيأتي لاحقًا سيوضّح الكيفية التي استُخدمت بها.
جاك ألان ميلر: من وجهة نظرنا، إذا استخدمنا ما يُسمّى بالمنظور الاقتصادي، فإن الانتباه الذي يمنحه المحلّل لعملياته الذهنية الخاصة، هو انتباه يُقتطع بقدرٍ مماثل من الانتباه المطلوب لخطاب المريض ولتدقيق الحالة. إن مدّة الجلسة تُستنزَف، في هذا الإطار، بما يشبه وقت التحليل الذاتي الذي يُقتطع منها. وكذلك، فإن مقاربتنا للممارسة العيادية مختلفة تمامًا. فممارستنا ليست ممارسة نسبية، تُكيّف نفسها مع فرادة التحويل المضاد لدى كلّ محلّل، بل هي ممارسة تهدف — رغم أنها تقع تحت التحويل — إلى الموضوعية. ولهذا نولي أهمية كبيرة للتشخيص، الذي لا ينبغي أن يقتصر على تصنيف الحالات ضمن ثلاثية العصاب-الانحراف-الذهان.
دانيال ويدلوشر: صحيح، فأنا إكلينيكي أعرف كيف أضع تشخيصات نفسية، لكني أشعر أن لدينا انقسامًا لا يوجد عندكم. أرى عندكم خطر «تشييء» للعلاقة، أي تحويلها إلى موضوع يُسيطر عليه، وهو ما يرتبط بهذا النزوع إلى «التشييء». عكس ما هو عندنا، إذ باسم الحياد والامتناع، نرى في تدخلاتكم أثناء الجلسات، نوعا من «المرور الى الفعل».
جاك ألان ميلر: خلال سنوات تكويني العيادي بعد دراستي الفلسفية، شرعت مع أصدقائي في نشر النصوص الكلاسيكية في الطبّ النفسي التي كنا نقرأها، والتي كانت نادرة في المكتبات آنذاك. وأعتقد أننا ساهمنا في إحياء الاهتمام بتاريخ الطبّ النفسي لدى الجمهور، وهو اهتمام كان أحيانًا غائبًا حتى لدى الأطباء النفسيين أنفسهم. كما أن التكوين الذي نقدّمه يولي مكانة كبيرة للممارسة العيادية الكلاسيكية، سواء عند كريبلين (طبيب نفسي ألماني) أو أطباء فرنسا الكبار.
وبالطبع، الممارسة التحليلية وهي ممارسة تحت التحويل، تعيد صياغة ممارسة الطب النفسي التقليدية، لكنّ معرفة هذه الأخيرة تظلّ مع ذلك ضرورية في نظرنا. زملاؤنا في الجمعية العالمية للتحليل النفسي (API) - على الأقل أولئك الذين نعمل معهم في أميركا اللاتينية - يقدّرون غالبًا ميلنا إلى التمييزات الإكلينيكية الدقيقة. في حين أن آخرين، وهذا صحيح، يرون في ذلك مضيعة للوقت، أو شيئًا مناقضًا لروح التحليل النفسي.
أما أنا فأخصّص كل خمسة عشر يومًا جلسةً لتقديم مرضى في مستشفى فال-دو-غراس، في قسم الأستاذ بْرييول. نناقش بين الزملاء الحالات، محاولين إعادة النظر في تصنيفاتنا الإكلينيكية بمناسبة لقاءاتنا بحالات مستجدة. وكثير من أصدقائي يفعلون الشيء نفسه في إطار الأقسام الإكلينيكية التابعة لمعهد «الحقل الفرويدي».
هذه الممارسة، (تقديم المرضى)، كان لاكان قد واصلها دون انقطاع في مستشفى سانت-آن، في قسم الدكتور موريس دوميزون، رغم الانتقادات اللاذعة التي وُجّهت إليه آنذاك، والمستوحاة من روح العصر. كانت قد سقطت في الإهمال، فأعدناها إلى الوجود اقتداءً به. وقد سرّني أن أعلم من الدكتور كورنوت، رئيس الجمعية الفرنسية للتحليل النفسي (SPP)، الذي كان قد حضر عروض لاكان في الماضي، أنه استأنف بدوره هذه الممارسة منذ ثلاث سنوات.
دانيال ويدلوشر: كونيي طبيبا لا يسمح بالطعن في أهمية الممارسة العيادية الطبنفسية. لكن بالنسبة إليّ، هناك فصل بين الإصغاء التحليلي والتشخيص. وأعتقد أن الدفاع عن هذا الفصل لا يعني تجاهل مصلحة المريض. ربما، في الواقع، نكون هنا أمام نقطة اختلاف تستحق أن نقيّم مدى الفاصل فيها. يمكن القول إن هذا أو ذاك من المحلّلين سيجد نفسه أكثر انجذابًا إلى ممارسة دون الأخرى. وأنا أفهم تمامًا لماذا قد يكون بعضهم أكثر اهتمامًا بمقترحاتكم من اقتراحاتي.
جاك ألان ميلر: أشكرك على ملاحظتك، لأن هذا بدوره له نتيجة مباشرة على مدّة الجلسة. فاهتمام المحلّل بعملياته الذهنية الخاصة يتوافق منطقيًا مع جلسة طويلة. أمّا الجلسة اللاكانية، فهي تميل بالأحرى إلى إحداث أثر من نوع (Zen)، بهذا المعنى تحدّث لاكان عن «الفعل التحليلي».
وهذا يعني أن المحلل عندما يقوم بوظيفته فإنه لا يفكر. إن تعريف لاكان لموقف المحلل من خلال عبارة «أنا لا أفكّر» يضعه على النقيض من الكوجيتو الديكارتي. رفْض التفكير بالنسبة إلى المحلّل هو قطع الطريق أمامه نحو التحويل المضاد، حيث يفكّر، ويفكّر في نفسه، ويفكّر أكثر من اللازم، فيتعثّر بثقله الفكري. إن المطلوب هو أن يكون المحلّل متطابقًا مع فعله، لا أن يُمنح صفة الذات المفكّرة، بل أن يُنزَع عنها.
فإذا ترك المحلّل نفسه يُقاد بتحويله المضاد، أو بأوهامه وأحكامه المسبقة وأفكاره، إذا انقاد للإغواء أو للتأثير الإيحائي، فإنه لا يكون حينها في الموضع الذي يجب أن يكون فيه، بل يكون قد أخفق في مهمّته، ويبلغ حدّ «اللامعقول» في الفعل.
بهذا المعنى، يظهر التحويل المضاد في التقنية اللاكانية، ولكن فقط من جانبه السلبي. فهو ليس أداة استكشاف. وهنا، في نظري، يبقى لاكان — في خيره وشرّه — في الخط المباشر للتراث الفرويدي.
دانيال ويدلوشر: يصعب أن نذهب أبعد مما تقوله. ومع ذلك، أود أن أضيف بعض التوضيحات حول الفكرة التي تقول إن المحلِّل (عندنا) يقوم بنوع من التحليل الذاتي أثناء الجلسة. أعتقد أن ما يحدث في الجلسة هو عمل مشترك ومتبادل من التبلور النفسي، يعمل كنوع من التداعي المشترك الذي يفضي إلى أفكار قد تكون فريدة عند أحد الطرفين أو كليهما، وأن هذا العمل يفرض التحويل المضاد الذي لا يكون بالضرورة وسيلة علاجية بالنسبة للمحلّل. من هنا تأتي، بالنسبة إلينا، الأهمية الأساسية لبُعد الإشراف، أي لوجود طرف ثالث يُرجَع إليه في كل تجربة تحليلية. ليس من الضروري أن يكون هذا الطرف الثالث «مشرفًا» في سياق مؤسّسي، لكنه يرمز إلى المبدأ القائل بأن ما يُعاش في التحليل هو دائمًا شيء يمكن قوله لطرف ثالث، وأن هذا القول المشترك هو ما يُنشئ المؤسسة.
جاك ألان ميلر: أفهم ما تقول، وألاحظ أنك تؤكّد أكثر فأكثر على الطابع الرمزي للمرجعية التي تستند إليها، لأنك تضع التجربة التحليلية على مستوى الثنائية الذي هو مستوى المتخيَّل. إن الطابع التبادلي الذي تنبني عليه ممارستكم هو طابع «مرحلة المرآة»، وهذا ما يجعلكم بحاجة ماسّة إلى إعادة تأكيد المرجعية الرمزية باستمرار. أمّا في نظرنا، فإن طريق التماهي المتخيَّل طريقٌ لا تؤدي إلى نتيجة. ومع ذلك، نحن نولي أهمية كبرى لما نسمّيه «الإشراف»(le contrôle) ، أي تلك الممارسة التي تُقاس من خلالها قابلية انتقال البنية عبر الخطاب، وقد بذلنا جهدًا كبيرًا من أجل نشر هذا المطلب بين زملاء لم يكونوا يرون فيه ضرورة كما نراها نحن.
برنار غرانجيه: هذا يقودنا إلى النظر في موضوع تكوين المحلّلين.
دانيال ويدلوشر: هناك داخل الجمعية الدولية للتحليل النفسي (IPA) مواقف متباينة جدًا، ورؤى مختلفة، ونقاشات، وتطوّرات متعدّدة. لذلك لا أعتقد أننا نستطيع الاستمرار هنا في مناقشة هذا المبدأ أكثر. إن مصطلح «الإشراف» في ذاته غير مُرضٍ، لأنه لا يعبّر عن فكرة التجربة المشتركة مع طرف ثالث في إطار من التداعي المشترك، ضمن زمنٍ مفروض على الطرفين من خارج تجربتهما، وهنا ألاحظ اختلافًا بيننا. هذا العمل يمكن أن يُقدَّم في إطار عملية تواصل ثانية مع طرف ثالث، وهو ما يُنشئ بدوره عملية تواصل جديدة، وهذا هو الهدف من تكوين المحلّلين النفسيين: تطوير القدرة على التواصل، أي القدرة على التعبير عمّا يختبره المرء ذاته كتواصل مع طرف ثالث.
وهذا يستلزم نوعًا من الانتقاء. لا يمكن أن نطلب من الجميع أن تكون لديهم الكفاءات نفسها للعمل على المستوى النفسي. قد يكون من الضروري القيام باختيارات، وتقديم نصائح. فمن الممكن أن يكون المرء إكلينيكيًا ممتازًا من دون أن يكون محلّلًا نفسيًا. وهذا يتطلّب نوعًا من الانتقاء، حتى لو كان من الممكن، في رأيي، مناقشة أشكال هذا الانتقاء المختلفة. نحن نبتعد عن مبدأ تكوين صارم، فالتكوين يجب أن يتميّز بقدر من المرونة.
ما أرجوه هو أن ترافق هذه المرونة عملية تقييم ذاتي، أي تأمّل نقدي من طرف المؤسسات نفسها فيما يخصّ برامجها التكوينية. فكثيرًا ما تنساق جمعياتنا إلى اختلافات نرجسية، وتستند إلى أيديولوجيات. إن ثقافة الفروق الصغيرة هي ما يؤسّس استقلالية كل تيار، في حين أن هناك ما يكفي من القضايا الجوهرية التي تستحق النقاش. كيف يمكننا تشجيع المحلّلين النفسيين والمؤسسات التحليلية على تقييم أنفسهم، وعلى مراجعة سياساتهم وأيديولوجيتهم في التكوين؟ هذه، في رأيي، مهمة أساسية لمستقبل التحليل النفسي، وهي لا تحتاج لا إلى إحصائيين ولا إلى مراجعين خارجيين، بل إلى نوع من المراجعة الداخلية، أدعو إليها بكل قناعة، رغم أن النرجسية الجماعية داخل المجموعات تجعل الأمر صعبًا للغاية.
جاك ألان ميلر: القضية الأساسية في تكوين المحللين هي أن يظل هناك أشخاص لديهم الرغبة في التكوين كمحللين نفسيين. هذا ليس مضمونًا. جميع المجموعات، على الأقل تلك التي لا توقفها دفاعاتها النرجسية فتقدم أرقامًا، - ومجموعات IPA هي غالبًا أكثر شفافية في هذا الصدد من المجموعات اللاكانية، بما في ذلك مجموعتي - تُقِر انخفاضًا في عدد الراغبين في هذا المسار. فهل سيظل التحليل النفسي سببًا للرغبة لدى الأجيال الشابة المقبلة؟ لقد شهدنا أزمنة أكثر ازدهارًا. بعد الحرب، كما ذكرتَ، دانيال ويدلوشر، كان هناك أقل من عشرين محللًا نفسيًا في فرنسا. لقد شاركتَ في اللحظة الأولى لازدهار الممارسة وعرفتَ حول لاكان الحماسة التي أعقبتْ عام 1968، والتي أدخلتْ عددًا كبيرًا من الطلاب في المدرسة الفرويدية بباريس.
في السنوات التي تلت وفاة لاكان، بينما كان عدد من زملائي متشائمين، كنتُ متفائلًا. والعقدان اللذان مرّا منذ ذلك الحين لم يظهرا أنني كنت مخطئًا، على ما يبدو لي. وهذا ربما يسمح لي اليوم بأن أقول إنه إذا استمر الخلاف بين التحليل النفسي وذات الحضارة المعاصرة، فإن تدهور مجالنا سيكون حتميًا. إن التحليل النفسي اليوم يعاني من «منهج صامت». فهو غير متصالح مع عالم اليوم. وغالبًا ما يسعى المحللون لتحقيق هذا التصالح بأسوأ الطرق.
على أي حال، لقد تجاوزنا زمن «الإقصاءات الكبرى». ولهذا أقدّر أنك لم تعارضني فيما قاله لاكان بأن «المحلّل لا يستأذن إلا نفسه». غالبًا ما يُفهم هذا في التحليل النفسي على أنه «كل شيء مباح». هناك شيء من ذلك، لكن هذه المقولة متعددة الأوجه. من جانب، هي وصف إكلينيكي، أي أنه في نهاية التحليل، يحدث انحلال، وإخراج عن الدائرة، وانهيار الهويات التي كانت تقود الشخص حتى ذلك الحين. لاكان لم يكن أول من قال ذلك. لم تعد الذات (بعد التحليل) تُعَين أحدًا مكان مثالها الأعلى. فلا أحد له سطوة على ذات الفرد بعد ذلك، ولا ينتظر إذنا من أحد. لا يستثمر المزيد من الرغبة في تضخيم الآخرين كي يعبدها ولا يضحي بنفسه للنفخ فيها. يجب أن يكون قد تجاوز الحدود التي فرضها عليه هوامه. وهذا تحديدًا ما سيتيح له أن ينصت للمتحلل الذي يتوجه إليه. فالمحلّل، إن وُجد، سيكون ذاتا غير قابلة للإيحاء وللتأثير. هذا أولا.
ثانيًا، هذه أيضًا أطروحة منطقية تفترض أن المحلّل غير موجود، وأنه لا وجود لجوهر المحلّل النفسي. إن وجود محلل يُنظر إليه حالة بحالة. لا توجد في التحليل النفسي معايير عامة صالحة للجميع. هذه الأطروحة ليست لتُفهم بمعزل عن الإطار النظري الذي تنتمي إليه، لكنها أيضًا صالحة لتُفهم كذلك.
ثالثًا، «المحلّل لا يستأذن إلا نفسه» هو شعار ثوري وساخر، على غرار «من حقنا أن نثور»، يتماشى تمامًا مع روح العصر الذي صيغ فيه، أكتوبر 1967. إنه صدى لأزمة السلطة التي ناقشناها، وكانت يستهدف بالفعل الكيان الأرثوذكسي، كما فهمه البعض جيدًا ورفضوه بشدة، وما زالوا يعانون منه. كانت ضربة ذكية تُعطل سلطة الخصوم. تقول لهم: «يا سادة، مهما فعلتم، سيتم تجاوزكم، ولن تتمكنوا من إجبار المحللين النفسيين المستقبليين على طلب إذن للبدء في ممارسة التحليل منكم». وهذا تقدير غير سيء.
آخر جانب لهذا الفراغ الذي لا ينضب هو مبدأ مدرسة تهدف إلى التحقق من أن أولئك الذين يمنحون أنفسهم الإذن بأن يكونوا محلّلين نفسيين هم بالفعل محلّلون. بعبارة أخرى، الوجه الفوضوي ليس الوحيد. فهو موجود ليفتتح شرعية جديدة، وهي شرعية المدرسة اللاكانية.
تكوين المحللين في المدرسة اللاكانية، رغم أنه غير موحَّد المعيار، يتسم بدرجة عالية من الصرامة. فهو لا يأخذ شكل منهج دراسي محدّد، بل يتم عن طريق الانغماس في بيئة يقيم فيها الفرد لفترة طويلة، حيث يتابع العديد من الدروس، ويفضّل أن تكون متنوعة قدر الإمكان. وما ينتج عن هذا يخضع للتحقق بشكل محدد: فهناك ما يُسمّى «العبور» La passe، حيث يأتي الفرد ليقدّم تقييمًا ذاتيًا لتحليله. ثم تُدرَس هذه التقييمات من قبل جماعة يُفترض أنها كفؤة لتقرير النتيجة.
أو، بعد أن يقدم الفرد شهادات موثوقة عن نشاطه، وبعد مرور فترة كافية من الممارسة العملية والمراقبة — عادةً عشر سنوات أو أكثر، مع تقديمه لعدة مساهمات عامة — يُعترف به كممارس يعمل بشكل صحيح وفق توجّه المدرسة، ويحصل على لقب يؤهله لذلك. مجموعات لاكانية أخرى لديها إجراءات مختلفة.
الاقتراح الذي قدّمه لاكان لإجراء «العبور» في عام 1967 قوبِل، لدى تلاميذه، باعتراضات أدت بعد عامين إلى الانقسام الذي أسس ما يُعرف باسم «المجموعة الرابعة». بعد وفاته، ظلّت مدرسة «القضية الفرويدية» La cause freudienne لفترة طويلة، و المجموعة الوحيدة التي تتبع هذا النهج، وهو ما قامت به مجموعات أخرى.
برنار غرانجيه: دانيال ويدلوشر، هل لديك أي تعليقات على هذا النقطة؟
دانيال ويدلوشر: يمكن قول الكثير. هناك مسألة لم تُطرح بعدُ وهي مهمة، وتخص تلاشي روح معينة من التحليل النفسي بسبب تكوين معالجين نفسيين ليس لديهم لا الممارسة ولا حتى الخبرة الفعلية في التحليل النفسي. من الجيد بالطبع أن بعض عناصر التحليل النفسي قد تؤثر في ممارستهم العلاجية، لكن هذا يطرح مسألة الهوية التحليلية في العمل الفكري. وفي هذا الصدد، يمكن أن يكون لنا موقف صارم أو، على العكس، تبنّي موقف أكثر مرونة وإنسانية. إنها مسألة صعبة، ولا يوجد لدينا جواب حتى الآن، وأعتقد أنها ستشكل تحديًا مهمًا في السنوات القادمة.
جاك ألان ميلر: اليوم، التحليل النفسي مهووس بمسألة العلاج النفسي. يشعر بأنه محاصر، ويسعى لإعادة ترسيم الحدود دون أن ينجح في ذلك. الانقسامات تظهر، وهذا ثمن نجاحه. مصطلح «الإنصات»، الذي استخدمه دانيال ويدلوشر، منتشر اليوم في كل مكان. لقد تشكّل مؤخرًا بفرنسا حكومة يرأسها شخص يتنقل في أنحاء البلاد ليقول للناس إن وظيفته تكمن في الانصات لهم. مهما كان الواقع مختلفًا، فالحقيقة هي وجوب القول بذلك.
دال «الإنصات» هنا لا يعني سماع جهاز الراديو؛ بل يشهد على أثر التحليل النفسي في المجتمع. السلطة القانونية تصبح مشروعة فقط إذا كانت تنصت. وأكثر الاقتصاديات تطورًا هي من نصيب مجتمعات الإنصات. يتم عرض الإنصات على جميع المستويات، في الشركات كما في الدولة، وتُقدّمه أجهزة الصحة كعلاج مكمِّل.
المحللون النفسيون ينظرون بقلق إلى براءة اختراعهم هذا وقد سقط في الملك العام، ويحاولون استعادة الهوية المفقودة لممارساتهم من خلال تشديد خصائصها. في المقابل، يتكهن آخرون بالمرونة. وحتى الآن، لا يبدو أن هناك حلولًا واضحة. نحن نتابع باهتمام الأعمال المستمرة في هذا المجال ضمن الجمعية الدولية.
أما الجمعية العالمية للتحليل النفسي (AMP)، بموارد أقل، تتساءل أيضًا: ما هي نواة التحليل النفسي؟ كيف يمكن نقله ولمن؟ إجراءاتنا، مهما كانت دقيقة ومصقولة، لا تضمن أي شيء. والأهم من ذلك، يجب أن يكون هناك شخص يرغب حقًا في تكريس حياته المهنية لممارسة التحليل النفسي.
برنار غرانجيه: برأيك، كيف ترى مسألة تقييم العلاجات التحليلية النفسية؟
دانيال ويدلوشر: أولاً، أود أن أقول إن هذا موضوع فيه أخذ ورد. حتى داخل الجمعية الدولية للتحليل النفسي، هناك مواقف متباينة للغاية ومتناقضة. أعتقد أن المحللين النفسيين أخطأوا كثيرًا بعدم التساؤل، كما يجب، حول مسألة تقييم العلاجات. وما زالوا يخطئون في إهمالها، لأنه إذا لم يقوموا بذلك، فسيقوم به آخرون نيابة عنهم. ومن الواضح في أي اتجاه قد يتم ذلك.
المسألة ليست مقارنة الطرق العلاجية بالمطلق. لكن بالنسبة لأفراد لديهم معاناة معينة، يجب تحديد موقع التحليل النفسي مقارنة بأساليب الرعاية الأخرى. المشكلة ليست في معرفة ما إذا كان التحليل النفسي يعالج 25% أو 32% من المرضى بفعالية، بل في تحديد مِن بين مَن لهم نفس المعاناة، قد يستفيدون من التحليل النفسي. نواجه هنا معايير ليست فقط غير موضوعية، ونعلم أنه حتى عند تحديد أفضل لمعايير التشخيص، يجب أخذ المعايير الذاتية بعين الاعتبار. البحث التحليلي النفسي يجب أن يَأخذ في الحسبان العديد من العوامل الناتجة عن تعقيد الفردية. تأثير التحليل النفسي لا يُقاس كما تُقاس العقاقير.
جاك ألان ميلر: مؤخرًا، ذكرتْ صحيفة نيويورك تايمز دراسة بينت أن مضادات الاكتئاب لها نفس تأثير الخضروات أو السكريات على مناطق دماغ المكتئبين. هذه مساهمة إيجابية في مسألة التقييم. ومن المؤكد أنه لا يمكن إدخال أي شخص في تحليل إلا إذا كان يعاني بالفعل. من يحضر للبحث عن الحقيقة بغير دافع من أعراض مؤلمة، يتم رفضه، إلا إذا تم اكتشاف، ضمن طلبه الأول، معاناة أو علاقة بما نسميه «الواقعي»، الذي لا يمكن تحمله، وهذا هو شرط التحليل.
سبق أن قدمت عرضًا حول موضوع كان شائعًا في الخمسينيات، وهو مؤشرات التحليل وموانعه. وقد تبين لي أن موانع التحليل النفسي تقلصت تدريجيًا. الاستماع لشخص ما أصبح في أيامنا هذه حقًا جديدًا من حقوق الإنسان. قبل خمسة عشر عامًا، كان من السهل رفض طالب إنصات، أما اليوم، فأصبح من الصعب رفض أي شخص حقه في الإصغاء. وإذا خشينا انطلاقة أعراضه، فما علينا إلا تطبيق تدخل يتحاشى التأويل، يمكن من خلاله لممارسة مستجدة أن ترى النور معه وتستمر، وتحصل له فائدة من جرائها.
زملاؤنا الأمريكيون عالقون بالفعل في شباك شركات التأمين. يُطلب منهم تقديم جودة جيدة مقابل السعر، وأعجب بجدّيتهم في مكافحتهم هذا النظام بشجاعة. كان فرويد متباعدًا جدًا عن العالم الجديد والإيديولوجية النفعية، ولاكان يوضح السبب. أحد الأسباب، تعريفة «المتعة» على أنها ما لا ينفع، بل هي أحيانًا ضارة برضى ذات الفرد، تكلفه الكثير وقد لا يجني منها أي فائدة على الإطلاق. يبدو هذا غير عقلاني، ومع ذلك يتمسك بها كما يتمسك البرغوث بجلد الكلب. فللمتعة منطقها، لا يعلمه سابقوا فرويد.
الأساس في التحليل النفسي يظل خارج حسابات الربح والخسارة. تقييم النتائج العلاجية لتحليل نفسي هو بالتالي «ثعبان البحر» الذي يطارده الجميع بلا جدوى. الدكتور ويدلوشر يذكّر في كتابه، وليس دون استياء، بوفرة الدراسات الصادرة منذ الستينيات من عيادة مينينغر. كل شيء مبني على بيانات مستهلكة حول نفس 42 مريضًا دائمًا، ولم يخرج عنها شيء مثبت.
لنكن واقعيين: لن نفعل أبدًا ما يكفي في التحليل النفسي لإرضاء معايير الربحية للشركات. نحن أمام آلة نفعية لا يمكننا أبدًا إشباع شهوتها. يمكننا أن نتلاعب بها، لكن فقط بشرط أن نبني أساسنا على ما هو أبعد من النفعية.
نهاية النص
منشورات لو كافالييه بلو 2002
